علي عجلة بدأت بوضع دفتر تحضيري وإتمام تظبيط حجابي ووضع مصحفي ونظرت سريعا في ساعتي لأذهب في موعدي إلي مكتب عملي حيث الإجتماع الأسبوعي لنا مع رئيسنا
في لحظات أتممت تجهيز نفسي وقبلت يد أمي وألقيت التحية علي أبي ودلفت من منزلنا حتي الطريق المؤدي إلي القاهرة ويسر الله لي أمري ووجدت عربة تقلني سريعا وبدأت بقول دعاء الركوب وأغمضت عيني أستعيد بعض ما حضرت لاجتماع يومنا العملي
توقفت العربة علي بعد خطوات من المكان الذي ركبته فيه ليستقلها خمسة من الشباب جلس ثلاث منهم في المقعد الخلفي وأحدهم جلس بجواري، وحرصت على وضع شنطتي بيني وبينه وعاودت التفكير في الاجتماع
إلا أن نقاشهم المقزز أخرجني من تفكيري حيث تابعته بذهول شديد كاد يقضي علي
أن ترى أمام عينيك شباب أمتنا الإسلامية يصل لأسوأ حالته وأن تسمع بأذنيك مسلمين يستهزأون بمبادئ الإسلام وأن تسمع واحدا منهم اسمه محمد والآخر أسامة بأسماء الصالحين والقادة يعيشون في مستنقع آثم يرتكبون الفواحش والذنوب فصل علي أمتنا الإسلامية أربعا
بمتابعة الحوار الذي دار بينهم وبين زميلهم الجالس بجواري والذي كان يتحدث العربية بصعوبة شديدة فهمت أنهم طلاب في الجامعة وأن زميلهم هذا يعيش في أمريكا وجاء لإستكمال دراسته في مصر
وتخلل الحديث حول إهتمامتهم وتصرفاتهم والتي صرحوا فيها بشربهم للخمور وسجائر من الحشيش ووو إلخ
وأنا جالسة أسمع هذا الكلام شحب لوني وجاء لي هبوط شديد في الضغط ظللت أسمع أصواتهم وأسمائهم وأسمه اسم أسامة بينهم فأتذكر أسامة بن زيد رضي الله عنه ذاك الشاب المجاهد المحارب واسمع من بينهم اسم محمد فتدمع عيني لأنه يحمل اسم رسولي الكريم
ظللت اسمع إنتقادتهم لفلان لأنه يحمل جهاز محمول غير حديث فأغمض عيني وأري صور القتلى في فلسطين وفي العراق أسمعهم وهم ينتقدون من كان يصلي فيهم فأتذكر لقاء يوما ما أجريته مع أخت مجاهدة فلسطينية في مصر حينما قالت لي الأمل لنا قي مصر وفي أولادها
قلت لو أن تلك المجاهدة التي أتت للعلاج في مصر وقابلتها رأت ما أرى لخافت على نفسها الموت في بلدنا
والله أنا عشت أسوأ لحظة في تلك العربة والذي زاد علي أن كل واحد منهم بدأ بإشعال سيجارة للتدخين فسألهم أحد الركاب ماذا يوجد في داخلها فقالوا له لا تخف ما فيهاش حشيش وصعقني رد الرجل عليهم ولا فيها
انتفض قلبي لرد الرجل وتذكرت الآية التي تقول (أليس فيهم رجل رشيد) ألا يوجد في العربة رجل رشيد يكلمهم
ظللت أنظر للطريق والعربات المتلاحقة محاولة إبعاد صوتهم وما يتكلمون فيه عن مسمعي لكن هيهات وراودتني فكرة أن العربة من الممكن أن تنقلب وأموت الآن وأبعث يوم القيامة مع هؤلاء القوم وتكون آخر أعمالي الاستماع لكلامهم وعجز مني فاستغفرت الله عز وجل مرارا حتى سالت عبراتي التي قطعها علو صوت هاتفي على نغمة تقول (يا شباب الإسلام) حيث هي نغمة تذكير تذكرني بأذكار الصباح والمساء
أوقفت الرنين وبدأت في تلاوة أذكار المساء حتى أنهيتها على أنغام كلامهم المقزز لحظتها دعوت لهم بالهداية إلا أن كلامهم أصابني مرة أخرى بخوف شديد من الله عز وجل وحاولت ألا يدخل أذني فحاولت الهروب بفكري إلى منزلنا وظللت أذكر أحاديث خيرا من أحاديثهم
رأيت وجه أبي أمام عيني وتذكرت أن آخر عهدي به قبل نزولي من المنزل وأنا أقوم بمراجعة ماضي ما حفظته من القرآن وسمعت صوت أخي ابن الأزهر وهو يتلو القرآن الكريم وسمعت صوت شهاب الأزهر وهو يناقشني في أمر من أمور الدعوة ورأيت أمي وهي تذكرني قبل نزولي بمراقبة الله عزوجل
فحمدت الله عزوجل على أسرتي الغالية وبدأت أتلو مع نفسي ما أقوم بمراجعته حتي انفصلت عن العالم الذي كنت فيه وما عدت أسمع غير صوتي داخل عقلي
لحظتها ولا أدري كيف قمت بتسميع صورة الكهف ومريم ونصف طه لنفسي حتى توقفت العربة في آخر نقطة للنزول فيها
يومها توجهت للعمل في حالة صداع شديد جدا فقامت أخت لي بإعطائي مسكن وأخرى تلت لي آيات الرقية حتي بدأ إجتماعنا إلا أن انتهي وعدت إلى منزلي مع شقيقي شهاب الأزهر
.....................................................
لقد سمعت عن تردٍ في الأخلاق كثيرا لكن لم أرَ يوما من يستهزئ بدينه وربما بعث الله لي هذا الموقف لأحمد الله عزوجل على منزلي وأهلي وما أعيشه معهم
حمدت الله يومها على العمل وإخواني وأخواتي في المكتب
حمدت الله تعالي أنه هداني لطريق الالتزام وجددت العهد معه واستغفرته عما قدمت يداي ودعوت لشباب أمتنا
وانتهيت يومها قائلة رباه بذكرك أعرف ذاتي
نداء الإسلام